فصل: قال الأخفش:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة المطففين:
{ويل}: أي هلاك عظيم، والتطفيف: البخس في الكيل والوزن وسمى بذلك لأن ما يبخس شيء حقير طفيف، {اكتالوا على الناس}: أي اكتالوا من الناس حقوقهم، {يستوفون}: أي يأخذونها وافية كاملة، {كالوهم}: أي كالوا لهم، {يخسرون}: أي ينقصون الكيل والميزان، {يقوم الناس لرب العالمين}: أي يقف الناس للعرض على خالقهم، ويطول بهم الموقف إجلالا لعظمة ربهم.
{سجين}: اسم للكتاب الذي دوّنت فيه أعمال الفجرة من الثقلين، {مرقوم}: من رقم الكتاب إذا جعل له علامة، والعلامة تسمى رقما، {معتد}: أي متجاوز منهج الحق، {أثيم}: أي يكثر من ارتكاب الآثام: وهى المعاصي، {أساطير الأولين}: أي أخبار الأولين أخذها محمد عن بعض السابقين.
{ران على قلبه}: أي غطى عليه، قال الزجاج: الرين كالصدإ يغشى القلب كالغيم الرقيق.
وقال أبو عبيدة: {ران على قلوبهم} غلب عليها، قال الفرّاء: كثرت منهم المعاصي والذنوب، فأحاطت بقلوبهم فذلك الرين عليها، {لمحجوبون}: أي لمطرودون عن أبواب الكرامة، {لصالوا الجحيم}: أي لداخلوا النار وملازموها.
{عليين}: أي في مكان عال وقد تقدم أن سجينا مكان في نهاية السفلى، فهما مكانان أودع فيهما أعمال الناجين وأعمال الخاسرين، وليس علينا أن نعرف ما هما؟
أمن أوراق أو أخشاب أو معادن أخرى، و{الأرائك}. هي الأسرّة في الحجال (والحجال واحدها حجلة وهى مثل القبة) وحجلة العروس بيت: أي خيمة تزين بالثياب والأسرّة والستور، و{نضرة النعيم}: بهجته ورونقه، و{رحيق}: أي شراب خالص لا غش فيه، {مختوم}: أي ختمت أوانيه وسدت، {ختامه مسك}: أي ما يختم به رأس قارورته هو المسك مكان الطين، وأصل التنافس: التشاجر على الشيء والتنازع فيه بأن يحب كل واحد أن ينفرد به دون صاحبه، والمراد فليستبق المتسابقون وليجاهدوا النفوس، ليلحقوا بالعاملين، والمزاج والمزج: الشيء الذي يمزج بغيره، والمزج: خاط أحد الشيئين بالآخر، والتسنيم: عين من ماء تجرى من أعلى إلى أسفل، وهو أشرف شراب في الجنة، ويكون صرفا للمقرّبين ممزوجا لأصحاب اليمين وسائر أهل الجنة، و{المقربون}: هم الأبرار الذين سلف ذكرهم.
الغمز: الإشارة بالجفن والحاجب استهزاء وسخرية، وقد يراد به العيب فيقال غمز فلان فلانا إذا عابه وذكره بسوء. ويقال فلان لا مغمز فيه: أي ليس فيه ما يعاب به، {فكهين}: أي معجبين بما هم فيه من الشرك والضلالة والعصيان، {حافظين}: أي رقباء يتفقدونهم ويهيمنون على أعمالهم، والتثويب والإثابة: المجازاة. يقال ثوّبه وأثابه إذا جازاه كما قال:
سأجزيك أو يجزيك عنى مثوّب ** وحسبك أن يثنى عليك وتحمدي

اهـ.. باختصار.

.قال الفراء:

سورة المطففين:
{وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ}
قوله عز وجل: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ...}.
نزلت أول قدوم النبي صلى الله عليه إلى المدينة، فكأن أهلها إذا ابْتاعوا كَيْلاً أو وزناً استوفَوْا وأفرطوا. وإذا باعوا كيلا أو وزناً نقَصُوا؛ فنزلت {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} فانتهَوْا، فهم أوفى الناس كيْلاً إلى يومهم هذا.
قال قال الفراء: ذُكِرَ أن {ويل} وادٍ في جهنم، والويل الذي نعرف.
{الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ على النَّاسِ يستوفون}
وقوله عز وجل: {اكْتَالُواْ على النَّاسِ...}.
يريد: اكتالوا من الناس، وهما تعتقبان: على ومِن- في هذا الموضع؛ لأنه حقّ عليه؛ فإذا قال: اكتلتُ عليك، فكأنه قال: أخذتُ ما عليك، وإذا قال: اكتلت منك، فهو كذلك: استوفيت منك.
{وَإِذَا كالوهم أَوْ وزنوهم يخسرون}
وقوله عز وجل: {وَإِذَا كالوهم أَوْ وزنوهم...}.
الهاء في موضع نصب، تقول: قد كِلتك طعاما كثيرا، وكِلتنى مثله. تريد: كِلتَ لى، وكِلتُ لك، وسُمِعَت أعرابية تقول: إذا صَدَرَ الناس أتينا التاجر، فيكيلنا المُدَّ والمُدَّين إلى الموسم المقبل، فهذا شاهد، وهو من كلام أهل الحجاز، ومن جاورهم من قيس.
{يوم يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}
وقوله عز وجل: {يوم يَقُومُ النَّاسُ...}.
هو تفسير اليوم المخفوض لمّا ألقى اللام من الثانى ردّه إلى {مبعوثونَ}، {يوم يقومُ النّاسُ} فلو خفضت يوم بالرَّد على اليوم الأوَّلِ كان صوابا.
وقد تكونُ في موضع خفض إلاَّ أنها أضيفت إلى يفعلُ، فنصبت إذ أضيفت إلى غير محضٍ، ولو رفع على ذلك {يوم يَقُومُ النَّاسُ} كما قال الشاعر:
فَكُنْتُ كذى رِجْلين رجلٌ صحيحةٌ ** وأخرى رمَى فيها الزَّمانُ فَشَلَّتِ

{وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سجين}
وقوله عز وجل: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سجين...}.
ذكروا أنها الصخرة التي تحت الأرض، ونرى أنه صفة من صفاتها؛ لأنه لو كان لها اسما لم يجر.
وإِن قلت: أجريتُه لأنى ذهبت بالصخرة إلى أنها الحجر الذي فيه الكتاب كان وجها.
{كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}
وقوله عز وجل: {كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ...}.
يقول: كثرت المعاصى والذنوب منهم، فأَحاطت بقلوبهم فذلك الرَّين عليها. وجاء في الحديث: ان عمرَ بن ِالخطاب رحمه الله، قال للأسيفع أصبَح قدرِين به. يقول: قد أحاط بماله، الدين وأنشدنى بعض العرب:
لم ترو حتى هجرت ورين بى

يقول: حتى غُلبتُ من الإعياء، كذلك غلبَةُ الدَّينِ، وغلبةُ الذنوبِ..
{كَلاَّ إِنَّ كتاب الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}
وقوله عز وجل: {كَلاَّ إِنَّ كتاب الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ...}.
يقول القائل: كيف جمعت {عِلِّيون} بالنون، وهذا من جمع الرجال؛ فإن العرب إذا جمعت جمعا لا يذهبون فيه إلى أن له بناءً من واحد واثنين، فقالوه في المؤنث، والمذكر بالنون، فمن ذلك هذا، وهو شيء فوق شيء غير معروف واحده ولا أثناه.
وسمعتُ بعضَ العرب يقول: أَطْعَمَنا مرقة مَرَقَيْن يريد: الألحُمَ إذا طبخت بمرق.
قال، وقال الفراء مرة أخرى: طبخت بماء واحد.
قال الشاعر:
قد رَوِيَتْ إلا الدُّهَيْدِهينَا ** قُلَيِّصاتٍ وأُبَيْكِرينَا

فجمع بالنون؛ لأنه أراد: العدد الذي لا يُحَدُّ، وكذلك قول الشاعر:
فأصبحت المذَاهِبُ قد أذاعت ** بِهَا الإعصارُ بعد الوابلينا

أراد: المطر بعد المطر غير محدود. ونرى أن قول العرب:
عشرون، وثلاثون؛ إذ جعل للنساء وللرجال من العدد الذي يشبه هذا النوع، وكذلك عليّون: ارتفاعٌ بعد ارتفاع؛ وكأنه لا غاية له.
{تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ}
وقوله عز وجل: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ...}.
يقول. بريق النعيم ونداء، والقراء مجتمعون على (تعرف) إلا أبا جعفر المدنى؛ فإنه قرأ: {تُعرَفُ في وجُوهِهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيم}، و{يُعرف} أيضا يجوز؛ لأنّ النَّضْرَةَ اسمٌ مؤنثٌ مأخوذ من فعلٍ وتذكير فعله قبله وتأنيثه جائزان.
مثل قوه: {وأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} وفى موضع آخر: {وأخذَت}.
{ختامه مسك وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}
وقوله عز وجل: {خاتمه مسك...}.
قرأ الحسنُ وأهل الحجاز وعاصم والأعمش {ختامه مسك}. حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال: حدثنا الفراء قال: وحدثنى محمد بن الفضل عن عطاء بن السَّائب عن أبى عبد الرحمن عن علي أنه قرأ: {خاتمه مسك} حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال: حدثنا الفراء قال: وحدثنى أبو الأحوص عن أشعث بن أبى الشعناء المحاربى قال: قرأ علقمة بن قيس {خاتمه مسك}. وقال: أما رأيت المرأة تقول للعطار: اجعل لى خاتمه مسكا تريد: آخره، والخاتم والختام متقاربان في المعنى، إلا أن الخاتم: الاسم، والختام: المصدر، قال الفرزدق:
فَبِتْنَ جنابَتىَّ مُصَرَّعَاتٍ ** وبِتُّ أفُضُّ أَغْلاَقَ الخِتامِ

ومثل الخاتم، والختام قولك للرجل: هو كريم الطابع، والطباع، وتفسيره: أنّ أحدهم إذا شرب وجد آخر كأسه ريح المسك.
{وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ}
وقوله عز وجل: {وَمِزَاجُهُ...}.
مزاج الرحيق {مِن تَسْنِيمٍ...} من ماء يتنزل عليهم من مَعالٍ. فقال: {من تسنيم عيناً} تتسنمهم عينا فتنصب {عينا} على جهتين: إحداهما أن تنوِىَ من تسنيمِ عينٍ، فإذا نونت نصبت. كما قرأ من قرأ {أَوْ إِطْعَامٌ في يوم ذِى مَسْغَبَةٍ يتيماً}، وكما قال: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً}، وكما قال من قال: {فَجَزَاءٌ مِثْلَ ما قَتلَ مِنَ النِّعمِ} والوجه الآخر: أَن تَنْوِىَ من ماء سُنِّم عينا.
كقولك رفع عينا يشرب بها، وإن لم يكن التسنيم اسماً للماء فالعين نكرة، والتسنيم معرفة، وإن كان اسماء للماء فالعين معرفة، فخرجت أيضا نصبا.
{وَإِذَا انقلبوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقلبوا فكهين}
وقوله جل وعز: {فاكهين...}: مُعجَبين، وقد قرئ: {فكهين}
وكلّ صواب مثل: طمِع وطامع. اهـ.

.قال الأخفش:

سورة المطففين:
{وَإِذَا كالوهم أَوْ وزنوهم يخسرون}
قال: {وَإِذَا كالوهم أَوْ وزنوهم يخسرون} أيْ: {اذا كالوا الناس أَوْوزنوهم} لأنَّ أَهْلَ الحجاز يقولون (كِلْتُ زَيْداً) و(وَزَنْتُه) أي: (كِلْتُ لَهُ) و(وَزَنْتُ لَهُ).
{لِيوم عَظِيمٍ يوم يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}
وقال: {لِيوم عَظِيمٍ} {يوم يَقُومُ النَّاسُ} فجعله في الحين كما تقول (فلانٌ اليوم صالحٌ) تريد به الآن في هذا الحين وتقول هذا بالليل (فلانٌ اليوم ساكِنٌ) أي: الآن، أي: هذا الحين ولا نعلم أحدا قرأها جرا والجرّ جائز.
{كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}
وقال: {كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ} تقول فيه: (رانَ) (يَرِينُ) (رَيْناً).
{عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}
وقال: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا} فجعله على {يُسْقَوْنَ} [25] {عَيْناً} وان شئت جعلته على المدح فتقطع من أول الكلام كأنك تقول: (أَعْنِي عَيْناً).
{هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}
وقال: {هَلْ ثُوِّبَ} ان شئت أدغمت وان شئت لم تدغم لأن اللام مخرجها بطرف اللسان قريب من اصول الثنايا والثاء بطرف اللسان واطراف الثنايا الا ان اللام بالشق الايمن ادخل في الفم. وهي قريبة المخرج منها ولذلك قيل {بَلْ تُؤْثِرُونَ} فادغمت اللام في التاء لأن مخرج التاء والثاء قريب من مخرج اللام. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة المطففين:
1- (المطفف): الذي لا يوفي الكيل. يقال: إناء طفّان، إذا لم يك مملوءا.
3- {وَإِذا كالوهم أَوْ وزنوهم} أي كالوا لهم، أو وزنوا لهم.
يقال: كلتك ووزنتك، بمعنى: كلت لك، ووزنت لك. وكذلك: عددتك وعددت لك.
{يخسرون}: ينقصون.
7- {لَفِي سجين}: فعيل، من (سجنت).
19، 20- {مرقوم}: مكتوب. و(الرّقم): الكتاب.
قال أبو ذؤيب:
عرفت الديار كرقم الدوا ** ة يذبرها الكاتب الحميري

14- {كَلَّا بَلْ رانَ على قُلُوبِهِمْ} أي غلب. يقال: رانت الخمر على عقله، أي غلبت.
25- (الرحيق): الشراب الذي لا غشّ فيه.
ويقال: (الرّحيق): الخمر العتيقة.
26- {ختامه مسك} أي آخر طعمه وعاقبته إذا شرب.
27- {وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} يقال: أرفع شراب في الجنة.
ويقال: يمزج بماء ينزل من تسنيم، أي من علو.
وأصل هذا من (سنام البعير) ومنه: (تسنيم القبور).
وهذا أعجب إلي، لقول المسيّب بن علس في وصف امرأة:
كأنّ بريقتها للمزاج من ثلج ** تسنيم شيبت عقارا

أراد: كأن بريقتها عقارا شيبت للمزاج من ثلج تسنيم، يريد جبلا.
36- {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ}؟ أي هل جزوا بما كانوا يعلمون؟!. اهـ.